فصل: {ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.{وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا}:

قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ولكن خفيفة الشياطين رفع وكذلك ولكن الله قتلهم ولكن الله رمى وحجتهم أن العرب تجعل إعراب ما بعد لكن كإعراب ما قبلها في الجحد فتقول ما قام عمرو ولكن أخوك وتصير لكن نسقا إذا كان ما قبلها جحد.
وقرأ الباقون ولكن بالتشديد الشياطين نصب وحجتهم في ذلك أن دخول الواو في ولكن يؤذن باستئناف الخبر بعدها وأن العرب تؤثر تشديدها ونصب الأسماء بعدها وفي التنزيل ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولكن أكثرهم لا يعلمون ولكن أكثركم للحق كارهون أنها بالتشديد للواو التي في أولها ثم أجمعوا على تخفيف لكن الراسخون ولكن الله يشهد لما لم يكن في أولها واو.
أعلم أن لكن كله تحقيق ولكن بالتخفيف كلمة استدراك بعد نفي تقول ما جاء عمرو ولكن زيد خرج.

.{ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}:

قرأ ابن عامر ما ننسخ من آية بضم النون وكسر السين بمعنى ما ننسخك يا محمد ثم حذف المفعول من النسخ ومعناه ما آمرك بنسخها أي بتركها تقول نسخت الكتاب وأنسخت غيري أي حملته على النسخ.
وقرأ الباقون ما ننسخ بفتح النون والسين من نسخ إذا غير الحكم وبدل يقول نسخ الله الكتاب ينسخه نسخا وهو أن يرفع حكم آية بحكم آخرى قال ابن عباس ما ننسخ من آية أي ما نبدل من حكم آية بحكم آخر.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو أو ننسأها أي نؤخر حكمها وحجتهما أن ذلك من التأخير فتأويله ما ننسخ من آية فنبدل حكمها أو نؤخر تبديل حكمها فلا نبطله نأت بخير منها ويكون المعنى ما نرفع من آية أو نؤخرها فلا نرفعها.
وقرأ الباقون أوننسها بضم النون وحجتهم في ذلك قراءة أبي وسعد بن أبي وقاص وقرأ أبي بن كعب أو ننسها معناه ننسك نحن يا محمد وقرأ سعد أو تنسها المعنى أو تنسها أنت يا محمد وقراءتهما تدل على النسيان وإن كان بعضهم أضافه إلى النبي صلى الله عليه وبعضهم أخبر أن الله فعل ذلك به وليس بين القولين اختلاف لأنه ليس يفعل النبي صلى الله عليه إلا ما وفقه الله له إذا أنساه نسي قال أبو عبيد أو ننسها من النسيان ومعناه أن الله إذا شاء أنسى من القرآن من يشاء أن ينسيه وقال آخرون منهم ابن عباس أو ننسها أو نتركها فلا نبدلها.
قال علماؤنا يلزم قائله أن يقرأها أو ننسها بفتح النون ليصح معنى نتركها فأما إذا ضمت النون فإنما معناه ننسك يا محمد وهذا لا يكون بمعنى الترك.
الجواب عنه يقال نسيت الشيء أي تركته وأنسيته أي أمرت بتركه فتأويل الآية ما ننسخ من آية أي نرفعها بآية أخرى ننزلها أو ننسها.

.{وقالوا اتخذ الله ولدا سبحنه}:

وقرأ ابن عامر قالوا اتخذ الله بغير واو كذا مكتوب مصاحف أهل الشام وحجته أن ذلك قصة مستانفة غير متعلقة بما قبلها كما قال وإذ قال موسى لقومه ثم قال قالوا أتتخذنا هزوا وقرأ الباقون وقالوا بالواو لأنه مثبتة في مصاحفهم وهي عطف جملة على جملة.

.{وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}:

قرأ ابن عامر فيكون نصب كأنه ذهب إلى أنه الأمر تقول أكرم زيدا فيكرمك.
وقرأ الباقون بالرفع قال الزجاج رفعه من جهتين إن شئت على العطف على يقول وإن شئت على الاستئناف المعنى فهو يكون.

.{إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}:

قرأ نافع ولا تسأل عن أصحاب الجحيم بفتح التاء والجزم على النهي وحجته ما روي في التفسير أن النبي صلى الله عليه قال ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت ولا تسأل عن أصحاب الجحيم فنهاه الله عن المسألة قيل إنه ما ذكرهما حتى توفاه الله.
وقرأ الباقون ولا تسأل عن أصحاب الجحيم برفع التاء واللام وحجتهم أن في قراءة ابن مسعود ولن تسأل ورفعه من وجهين أحدهما أن يكون ولا تسأل استئنافا كأنه قيل ولست تسأل عن أصحاب الجحيم كما قال فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب والوجه الثاني على الحال فيكون المعنى وأرسلناك غير سائل عن أصحاب الجحيم.

.{قال لا ينال عهدي الظالمين}:

قرأ حمزة وحفص لا ينال عهدي الظالمين بإرسال الياء وقرأ الباقون بفتح الياء وحجتهم في ذلك أن لو لم تتحرك الياء ذهبت في الوصل فلم يكن لها أثر على اللسان فحركوهها ليعلم أن في الحرف ياء فإذا ظهر على اللسان أرسلوها فقالوا وطهر بيتي للطائفين.

.{وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبرهيم مصلى}:

قرأ ابن عامر ونافع واتخذوا من مقام إبراهيم بفتح الخاء وحجتهما أن هذا إخبار عن ولد إبراهيم صلى الله عليهم أنهم أتخذوا مقام إبراهيم مصلى وهو مردود إلى قوله: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
وقرأ الباقون واتخذوا بكسر الخاء وحجتهم في ذلك ما روي في التفسير أن النبي صلى الله عليه أخذ بيد عمر فلما أتى على المقام قال له عمر هذا مقام أبينا إبراهيم صلى الله عليه قال: نعم قال أفلا نتخذه مصلى فأنزل الله جل وعز: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} يقول وافعلوا.
قرأ ابن عامر إبراهام بألف كل ما في سورة البقرة وفي النساء بعد المئة وفي الأنعام حرفا واحدا ملة إبراهام وفي التوبة بعد المئة إبراهام وفي سورة إبراهيم إبراهام وفي النحل ومريم كلها إبراهام وفي العنكبوت الثاني إبراهام وعسق إبراهام وفي سور المفصل كلها إبراهام إلا في سورة المودة إلا قول إبراهيم بالياء وفي سبح صحف إبراهيم.
وما بقي في جميع القرآن بالياء وحجته في ذلك أن كل ما وجده بألف قرأ بألف وما وجده بالياء قرأ بالياء اتباع المصاحف.
واعلم أن إبراهيم اسم أعجمي دخل في كلام العرب والعرب إذا أعربت اسما أعجميا تكلمت فيه بلغات فمنهم من يقول إبراهام ومنهم من يقول أبرهم قال الشاعر:
نحن آل الله في بلدته ** لم يزل ذاك على عهد ابرهم

.{قال ومن كفر فأمتعه قليلا}:

قرأ ابن عامر فأمتعه قليلا بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد وهما لغتان يقال متع الله به وأمتع به والتشديد هو الإختيار لأن القرآن يشهد بذلك في قوله: {ومتعناهم إلى حين} ولم يقل أمتعناهم.

.{وأرنا مناسكنا وتب علينا}:

قرأ أبو عمرو وأرنا مختلسا وقرأ ابن كثير وأرنا ساكنة في جميع القرآن وحجته أن الراء في الأصل ساكنة وأصلها أرئينا على وزن أكرمنا فحذفت الياء للجزم ثم تركت الهمزة كما تركت في يرى وترى وبقيت الياء محذوفة كما كانت والأجود أن تقول نقلنا حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفنا لكثرة الحركات.
وقرأ الباقون أرنا بكسر الراء وحجتهم في ذلك أن الكسرة إنما هي كسرة همزة ألغيت وطرحت حركتها على الراء فالكسرة دليل الهمزة فحذفها قبيح ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب.
قرأ نافع وابن عامر وأوصى بها بالألف وحجتهما أن أوصى يكون للقليل والكثير ووصى لا يكون إلا للكثير.
وقرأ الباقون ووصى التشديد وحجتهم أن وصى أبلغ من أوصى لأن أوصى جائز أن يكون مرة ووصى لا يكون إلا مرات كثيرة وقال الكسائي هما لغتان معروفتان تقول وصيتك وأوصيتك كما تقول كرمتك وأكرمتك والقرآن ينطق بالوجهين قال الله ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ما وصى به نوحا ذلكم وصاكم به وقال يوصيكم الله ومن بعد وصية توصون والتشديد أكثر.

.{أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى}:

قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر أم يقولون بالياء وحجتهم أن هذا إخبار عن اليهود أراد أم يقول اليهود والنصارى.
وقرأ الباقون بالتاء وحجتهم المخاطبة التي قبلها والتي بعدها فالمتقدمة قوله: {قل أتحاجوننا في الله} والمتأخرة قوله: {قل أأنتم أعلم أم الله} فتأويل الآية قل يا محمد للقائلين لكم كونوا هودا أو نصارى أتحاجوننا أم تقولون إن إبراهيم وأولاده كانوا يهودا إن الله بالناس لرءوف رحيم.
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر إن الله بالناس لرءوف على وزن رعف وحجتهم أن هذا أبلغ في المدح كما تقول رجل حذق ويقظ للمبالغة قال الشاعر:
يرى للمسلمين عليه حقا ** كفعل الوالد الرؤف الرحيم

وقرأ الباقون لرءوف على وزن فعول وحجتهم في ذلك أن أكثر أسماء الله على فعول وفعيل مثل غفور وشكور ورحيم وقدير قال الشاعر:
نطيع نبينا ونطيع ربا ** هو الرحمن كان بنا رءوفا

.{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون}:

قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وما الله بغافل عما يعملون بالتاء وحجتهم قوله قبلها: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} فكان ختم الآية بما افتتحت به من الخطاب عندهم أولى من العدول عن الخطاب إلى الغيبة.
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} والكلام خبر عنهم.

.{ولكل وجهة هو موليها}:

قرأ ابن عامر هو مولاها بفتح اللام أي هو موجهها وحجته أنه قدر له أن يتولاها ولم يسند إلى فاعل بعينه فيجوز أن يكون هو كناية عن الاسم الذي أضيفت إليه كل وهو الفاعل ويجوز أن يكون فاعل التولية الله وهو كناية عنه والتقدير ولكل ذي ملة قبلة الله موليها وجهه ثم رد ذلك إلى ما لم يسم فاعله.
وقرأ الباقون هو موليها أي متبعها وراضيها وحجتهم ما قد جاء في التفسير عن مجاهد ولكل وجهة هو موليها أي لكل صاحب ملة وجهة أي قبلة هو موليها هو مستقبلها قوله: {هو موليها} هو كناية عن الاسم الذي اضيفت إليه كل في المعنى لأنها وإن كانت منونة فلابد من أن تسند إلى اسم.

.{وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام}:

قرأ أبو عمرو وما الله بغافل عما يعملون ومن حيث بالياء وحجته قوله قبلها: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} وقرأ الباقون بالتاء وحجتهم قوله: {وإنه للحق من ربك}.

.{ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}:

قرأ حمزة والكسائي ومن يطوع بالياء وجزم العين وكذلك الذي بعده وحجتهما أن حروف الجزاء وضعت لما يستقبل من الأزمة في سنن العربية وأن الماضي إذا تكلم به بعد أحرف الجزاء فإن المراد منه الاستقبال نحو قول القائل من أكرمني أكرمته أي من يكرمني أكرمه ويقوي قراءتهما قراءة عبد الله ومن يتطوع على محض الاستقبال فأدغمت التاء في الطاء في قراءتهما لقرب مخرجها منها.
وقرأ الباقون ومن تطوع بالتاء وفتح العين على لفظ المضي ومعناه الاستقبال لأن الكلام شرط وجزاء لفظ الماضي فيه يؤول إلى معنى الاستقبال كما قال جل وعز: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم} وحجتهم في ذلك أن الماضي أخف من المستقبل ولا إدغام فيه.

.{إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح}:

قرأ حمزة والكسائي وتصريف الرياح بغير ألف وحجتهما أن الواحد يدل على الجنس فهو أعم كما تقول كثر الدرهم والدينار في ايدي الناس إنما تريد هذا الجنس قال الكسائي والعرب تقول جاءت الريح من كل مكان فلو كانت ريحا واحدة جاءت من مكان واحد فقولهم من كل مكان وقد وحدوها تدل على أن بالتوحيد معنى الجمع.
وقرأ الباقون وتصريف الرياح وحجتهم أنها الرياح المختلفة المجاري في تصريفها وتغاير مهابها في المشرق والمغرب وتغاير جنسها في الحر والبرد فاختاروا الجمع فيهن لأنهن جماعة مختلفات المعنى ويقوي الجمع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه أنه كان إذا هاجت ريح جثا على ركبته واستقبلها ثم قال اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا.

.{ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب}:

قرأ نافع وابن عامر ولو ترى الذين ظلموا بالتاء وحجتهما قوله: {ولو ترى إذ الظالمون} {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا} وجواب لو مكفوف المعنى ولو ترى يا محمد هؤلاء المشركين عند رؤيتهم العذاب لرأيت أمرا عظيما ينزل بهم وأن بمعنى لأن القوة لله جميعا ولأن الله شديد العذاب ويجوز أن يكون العامل في أن القوة الجواب المعنى فلو ترى يا ممد الذين ظلموا لرأيت أن القوة لله جميعا وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه يراد به الناس أي لرأيتم أيها المخاطبون أن القوة لله أو لرأيتم أن الأنداد لم تنفع وإنما بلغت الغاية في الضرر ولا يجوز أن يكون العامل في أن ترى لأنه قد عمل في الذين.
وقرأ الباقون ولو يرى الذين ظلموا بالياء وحجتهم ما جاء في التفسير لو رأى الذين كانوا يشركون في الدنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه أن القوة لله جميعا قال الزجاج أما من قرأ أن القوة فموضع أن نصب بقوله ولو يرى الذين ظلموا شدة عذاب الله وقوته لعلموا مضرة اتخاذهم الأنداد وقد جرى ذكر الأنداد ويجوز أن يكون العامل في أن الجواب أي ولو رأى الذين كانوا يشركون في الدنيا أن القوة لله جميعا وكذلك نصب أن الثانية والمعنى لو يرى الذين ظلموا في الدنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب.
قرأ ابن عامر إذ يرون العذاب بضم الياء على ما لم يسم فاعله فعل يقع بهم تقول أريته كذا وكذا أي أظهرته له وقرأ الباقون إذ يرون بفتح الياء يعني الكفار.